الحقيقة الكاملة وراء رحيل ليونيل ميسي عن برشلونة
تفاصيل الأيام الأخيرة لليونيل ميسي في برشلونة
بعد مرور أكثر من أربع سنوات على واحدة من أكثر اللحظات المؤلمة في تاريخ نادي برشلونة الحديث، لا تزال تفاصيل فشل تجديد عقد الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي تثير الجدل داخل أروقة النادي الكتالوني. فبين الوعود الانتخابية، والتحديات المالية الخانقة، والضغوط السياسية والاقتصادية، تداخلت الخيوط في قصة درامية انتهت بخروج الهداف التاريخي للنادي من الباب الذي لم يكن يتخيله أحد.في مقابلة حصرية مع صحيفة "سبورت" الإسبانية، قال ميسي بوضوح: "تخيلت حياتي كلها وأنا ألعب في برشلونة، فعلت كل ما بوسعي للبقاء، لكن الأمر لم يكن ممكنًا". بهذه الكلمات، اختصر الأرجنتيني معاناته في صيف 2021، حين كانت كل الترتيبات جاهزة لتجديد عقده، قبل أن ينهار كل شيء في اللحظات الأخيرة.
بداية قصة رحيل ليونيل ميسي عن برشلونة
القصة تعود إلى عام 2021، حين فاز خوان لابورتا بانتخابات رئاسة برشلونة على وعدٍ بإعادة النادي إلى المجد الرياضي والمالي، وكان شعار حملته الأشهر: "مع ميسي سأحل كل شيء على مائدة شواء". لكن عند دخوله مقر النادي، وجد لابورتا واقعًا أكثر قسوة مما تخيله، فالنادي غارق في الديون التي خلفتها الإدارة السابقة، والكرة الإسبانية تعاني أصلًا من تبعات جائحة كورونا، التي جعلت أغلب الأندية على حافة الإفلاس.في خضم هذه الأزمة، ظهرت مبادرة من رابطة الدوري الإسباني بقيادة خافيير تيباس، لعقد اتفاق مالي مع صندوق الاستثمار "CVC" مقابل ضخ نحو ملياري يورو (ثم ارتفعت التقديرات لاحقًا إلى 2.7 مليار يورو)، مقابل حصول الصندوق على نسبة من حقوق البث التلفزيوني لمدة 25 عامًا على الأقل. كان هذا الاتفاق من شأنه أن يمنح برشلونة السيولة الكافية لتجديد عقد ميسي دون خرق قواعد اللعب المالي النظيف، لكن الصفقة كانت تحمل في طياتها جدلًا ماليًا وقانونيًا عميقًا.في الثالث من يوليو 2021، عقد تيباس اجتماعًا مع لابورتا ورجل الأعمال خاومي روريس في مطعم بمدينة ليريدا لوضع اللمسات الأولى على انضمام برشلونة إلى مشروع CVC. بالنسبة إلى لابورتا، كان هذا الاتفاق هو المفتاح الذهبي الذي سيمكنه من الوفاء بوعده الانتخابي وتجديد عقد ميسي. وقد أبلغ والد اللاعب، خورخي ميسي، بأن كل شيء يسير كما هو مخطط له، وأن التجديد بات مسألة أيام.
ماهو دور ريال مدريد في رحيل ميسي
لكن الأمور بدأت تتعقد عندما تم الكشف عن تفاصيل العقد أمام الأندية الإسبانية يوم 2 أغسطس. حينها، دخل رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز في صدام مباشر مع خافيير تيباس، بعدما اكتشف أن الصفقة أُبرمت دون علم ناديه. بيريز رفض تمامًا فكرة أن يتحول استثمار CVC إلى دين طويل الأمد على الأندية، واعتبر الشروط مجحفة وغير عادلة.تحرك بيريز بسرعة واتصل بخافير دي خايمي، المسؤول عن عمليات CVC في إسبانيا، وطالبه بتوضيح كل البنود. ما سمعه جعله يزداد رفضًا، وبدأ يعمل خلف الكواليس لإفشال الصفقة. هذا التحرك أحدث ارتباكًا في برشلونة، خصوصًا بعد أن وصلت الأخبار إلى المدير التنفيذي للنادي، فيران ريفيرتر، الذي اكتشف أن لابورتا كان يجري المفاوضات مع CVC بشكل سري، دون علم مجلس الإدارة بالكامل.ريفيرتر وجد نفسه أمام خيارين صعبين: إما مواجهة لابورتا، أو الاتصال برجل الأعمال خوسيه إلياس، الضامن الرئيسي لقرض قيمته نحو 40 مليون يورو مكّن لابورتا من تولي الرئاسة. اختار ريفيرتر الخيار الثاني، وأبلغ إلياس بكل التفاصيل، وهو ما اعتبره الرئيس خيانة داخلية. غضب إلياس بشدة، وهدد بسحب ضمانه المالي فورًا إن مضى لابورتا قدمًا في الاتفاق مع CVC، معتبرًا أن الصفقة "تضع أموال النادي في خطر".وجد لابورتا نفسه في مأزق لا مخرج منه: إما إنقاذ النادي من ديون طويلة الأمد أو الإيفاء بوعده لميسي. وفي نهاية المطاف، اختار المسار الأول، وهو ما أدى عمليًا إلى سقوط خطة التجديد بالكامل.
"لن نتمكن من التجديد"
في تلك الأثناء، كان ميسي يقضي إجازته في جزيرة إيبيزا مع أصدقائه لويس سواريز وأنخيل دي ماريا وماركو فيراتي وسيسك فابريجاس، بينما كان والده يسافر إلى برشلونة بطائرة خاصة لتوقيع العقد الجديد في الخامس من أغسطس. كانت كل التفاصيل جاهزة، حتى البيان الرسمي الذي كان من المفترض أن يُنشر للإعلان عن تجديد النجم الأرجنتيني. لكن قبل ساعات من الموعد المحدد، اتصل لابورتا بوالد ميسي ليخبره بالقرار الصادم: "لن نتمكن من التجديد".حاول ميسي، عبر والده، إيجاد أي حل بديل، مؤكداً أنه مستعد لتخفيض راتبه إلى الحد الأدنى للبقاء، لكن القرار كان قد اتخذ بالفعل. تذرع لابورتا حينها بأن توقيع اتفاق CVC كان سيعني "رهن النادي لمدة 25 عامًا"، رغم أن النادي لجأ لاحقًا لصفقات مشابهة لإنقاذ وضعه المالي دون أن يستفيد منها ميسي.
نهاية حلم ليونيل ميسي مع برشلونة
وهكذا انتهت قصة التجديد التي كان من المفترض أن تكون احتفالًا تاريخيًا بتحولها إلى أكثر لحظات برشلونة حزنًا في العصر الحديث. بالنسبة لميسي، كان خروجه من النادي أكثر من مجرد انتقال، بل كان نهاية حلمٍ بدأ في عمر الثالثة عشرة، حين جاء إلى لا ماسيا ليصنع التاريخ.اليوم، وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على تلك الواقعة، لا تزال آثارها حاضرة في الذاكرة الكتالونية، خصوصًا بعد زيارة ميسي الأخيرة لملعب "سبوتيفاي كامب نو" في جولة عاطفية ليلية أيقظت الحنين إلى ما كان يمكن أن يكون، لو لم تسقط ورقة التوقيع الأخيرة من يد لابورتا في صيف 2021.

